منتدى اسلامي رائع وضخم لأهل السنة والجماعة
نرحب بضيوفنا الكرام اللهم اجعلنا واياكم من اهل الجنة
منتدى اسلامي رائع وضخم لأهل السنة والجماعة
نرحب بضيوفنا الكرام اللهم اجعلنا واياكم من اهل الجنة
منتدى اسلامي رائع وضخم لأهل السنة والجماعة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى اسلامي رائع وضخم لأهل السنة والجماعة

منتدى علمي لنشر الدين وعلومه
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  
((عن عبد الله بن عمر, أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: بلغوا عني ولو آية, ومن كذب علي متعمداً, فليتبوأ مقعده من النار))
﴿وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾
(وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ )

 

 مذاهب العلماء في حجية الحديث المرسل

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 517
تاريخ التسجيل : 29/03/2014

مذاهب العلماء في حجية الحديث المرسل Empty
مُساهمةموضوع: مذاهب العلماء في حجية الحديث المرسل   مذاهب العلماء في حجية الحديث المرسل Emptyالثلاثاء أبريل 08, 2014 7:24 pm

تعريف المرسل:
المرسل في اللغة مشتق من الإرسال ، وهو الإطلاق ، تقول أرسلت الغنم ، أى أطلقتها ، وقال تعالى : ((ألم ترَ أنّا أرسلنا الشياطين على الكافرين )) فكأن المرسل أطلق الإسناد ولم يقيده بجميع رواته.
وأما في الاصطلاح فقد اختلفت فيه العبارات ، وذهب كل فريق مذهباً – إلا في صورة واحدة ، وهى ما إذا كان الراوى للحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تابعياً كبيراً ، كعبيد الله بن عدى بن الخيار ، وسعيد بن المسيب ، كما قال ابن الصلاح في علوم الحديث (ص27) فقد اتفق الجميع، على أن هذا الحديث هو حديث مرسل. والخلاصة: أن الحديث المرسل هو أن يروي التابعي حديثاً عن النبي [صلى الله عليه وآله وسلم] مباشرة دون ذكر الصحابي الذي نقل عنه الحديث.
مذاهب العلماء في حجية الحديث المرسل

1- ذهب الأئمة الثلاثة مالك ، وأبو حنيفه ، وأحمد في أشهر الروايتين عنهم ، وجماهير المعتزلة كأبى هاشم ، وتبعهم الإمام الأمدى في الأحكام ومنتهى السول إلى قبول مرسل العدل مطلقاً ، سواء أكان من أئمة النقل أم لا ، وسواء أكان في القرون الثلاثة الأولى أم بعدها ، وغالى بعض القائلين به حتى قدمه على المسند كصاحب التنقيح وغيره ، تبعاً لابن أبان.
2- ذهب الإمام الشافعي – رضي الله عنه – وأحمد في أحد قوليه ، والظاهرية ، وجمهور الأئمة من حفاظ الحديث ونقاد الأثر – كما قاله الخطيب بل كلهم – كما قال ابن عبد البر في التمهيد – والقاضي أبو بكر ، وأبو زرعة الرازى ، وأبو حاتم ، وابنه عبد الرحمن ، ويحيى بن سعيد القطان – علماً بأن وفاته قبل وفاة الشافعي – واختاره الإمام الرازى وأتباعه ، ذهبوا إلى أنه غير مقبول مطلقاً .
إلا أن الإمام الشافعي – رضي الله عنه – قبله – وستعرف مدى قبوله له عند تحرير مذهبه – بشروط سنذكرها.
فمذهبه – رضي الله عنه – رده من حيث هو مطلقاً .
3- ذهب عيسى بن أبان إلى أن مرسل العدل في القرون الثلاثة الأولى حجة مطلقاً ، وأما من بعدهم فلا يقبل إلا إذا كان من أئمة النقل.
والمقصود بأئمة النقل من كانت له أهليه الجرح والتعديل.
4- ذهب أبو بكر الرازى ، واختاره ، واختاره السرخسى في أصوله – إلى أن مرسل من كان من القرون الثلاثة حجة ما لم يعرف منه الرواية مطلقاً عمن ليس بعدلٍ ثقةٍ ، ومرسل من كان بعدهم ، لا يكون حجة ، إلا من اشتهر بأنه لا يروى إلا عمن هو عدل ثقة .
5- ذهب الإمام ابن الحاجب في المختصر والمنتهى ، وتبعه ابن الهمام في التحرير – إلى أن مرسل العدل يقبل مطلقاً إن كان من أئمة النقل ، سواء أكان من أهل القرون الثلاثة الأولى ، أم لا ، وأما إذا لم يكن من أهل النقل فلا يقبل مرسله سواء أهل القرون الثلاثة الأولى ومن بعدهم.
وقبل الخوض في الاستدلال لهذه المذاهب ورد الضعيف منها لابد من التنبيه لأمور مهمه يجدر بالباحث الاضطلاع عليها.
الأول :
قال الإمام ابن السبكي في الإبهاج (2/223) ورفع الحاجب عن ابن الحاجب ([1]) (1/ق 287 – أ) :
" إن مذهب ابن الحاجب هو عين مذهب ابن أبان ، خلافاً لما توهمه بعض الشارحين ، وإلا فيلزم أن يكون اختار مذهباً لم يسبق إليه".
ثم علل ذلك بقوله : " وكأن عيسى بن أبان اعتقد أن التابعين وتابعيهم كلهم من أئمة النقل، وإلا فيلزم أن يقبل التابعين وتابعييهم مطلقاً ، ورد من عداهم إن لم يكن من أئمة النقل ، وليس الأمر كذلك كما اعتقد" أ هـ.
قلت : بل الأمر كذلك .
ومذهب ابن الحاجب غير مذهب ابن أبان ، من حيث شرط كون الراوى من أئمة النقل في القرون الثلاثة ، فابن الحاجب يشترط ذلك ، وابن أبان لا يشترطه فيهم بل يقبله من عدلهم مطلقاً، وإليك الدليل على ذلك .
قال السرخسى في أصوله (1/360) : " فأما مراسيل القرن الثانى والثالث حجة في قول علمائنا رحمهم الله " اهـ.
فلم يذكر في ذلك مخالفاً ، ولم يشترط فيهم أن يكونوا من أئمة النقل ولم يعتقد فيهم كلهم أنهم كذلك .
ثم قال في (1/363) : " فأما مراسيل من بعد القرون الثلاثة فقد كان أبو الحسن الكرخى – رحمه الله لا يفرق بين مراسيل أهل الإعصار ، وكان يقول : من تقبل روايته مسنداً تقبل روايته مرسلاً ، للمعنى الذي ذكرنا.
وكان عيسى بن أبان – رحمه الله – يقول : من اشتهر في الناس بحمل العلم منه . تقبل روايته مرسلاً ومسنداً ، ومن لم يشتهر بحمل الناس العلم منه مطلقاً وإنما اشتهر بالرواية عنه فإن مسنده حجة ، ومرسله يكون موقوفاً إلى أن يعرض على من اشتهر بحمل العلم منه " اهـ.
وهذا أكبر دليل على تفرقة ابن أبان بين أهل القرون الثلاثة الأولى ومن بعدهم ، والسرخسى أدرى بقول ابن أبان .
وهذا خلاف مذهب ابن الحاجب الذي لا يفرق بينهم في اشتراط كونهم من أئمة النقل .
وثانياً قال ابن الهمام في التحرير (3/102 تيسير التحرير) : "وابن أبان يقبل في القرون الثلاثة، وفيما بعدها ؛ إذا كان المرسل من أئمة النقل ، وروى الحفاظ مرسله كما رووا مسنده ، والحق اشتراط كونه من أئمة النقل مطلقاً" اهـ.
قال شارحه : أى في القرون الثلاثة وما بعدها.
فابن الهمام اختار مذهب ابن الحاجب ، وهو كونه من أئمة النقل مطلقاً في القرون الثلاثة وما بعدها ، بعد أن ذكر مذهب ابن ابان ، ولو كان هو عين مذهب ابن أبان لما ميز بينهما.
وكذلك فعل صاحب المنار ، والتوضيح وإن لم يشرح بابن أبان ، والأسنوى وفى نهاية السول ، وغيرهم ممن سرد المذاهب في المرسل ولا داعى للإطالة بذكرهم .
وثالثاً: ما الذي يمنع أن يختار ابن الحاجب مذهباً لم يسبق إليه ، وقد فعل مثل ذلك في غير هذا المكان ، ويفعله كل إمام في كل زمان .
فالحق – والله أعلم – أن مذهب ابن الحاجب مذهباً لم يسبق إليه ، وهو خلاف مذهب ابن أبان ، خلافاً لما ذهب إليه ابن السبكي رضي الله عنه وأرضاه .
الثانى :
ذكر الأمدى في كتابيه الإحكام (2/112) ، ومنتهى السول (1/90) أن القاضي أبا بكر وافق الشافعي رضي الله عنه قبول المرسل بالشروط التي اشترطها الشافعي لقبوله .
فقال بعد أن ذكر شروط الشافعي لقبول المرسل : "ووافقه على ذلك أصحابه ، والقاضي أبو بكر" اهـ .
وهذا أيضاً غير صواب :
فإن القاضي ممن يردون المرسل مطلقاً ، ولايقبلونه بحال ، ولقد اعترض على الشافعي في شروطه الأربعة التي ذكرها في الرسالة لقبول المرسل .
ولقد قال ابن السبكي في الإبهاج (2/223) : " والشافعي رضي الله عنه صدر القائلين برد المراسيل إلا أنه نقل عنه أنه قبل بعضها في أماكن ، قال القاضي رحمه الله : ونحن لا نقبل المراسيل مطلقاً ولا في الأماكن التي قبلها فيها الشافعي ، حسماً للباب" اهـ.
فإن كان مراد الأمدي أن القاضي وافق الشافعي على أصل الرد للمرسل من حيث هو ؛ فهذا صحيح .
وإن كان مراده أن القاضي وافقه على القبول بالشروط التي ذكرها ، فهذا غير صحيح ، لأن القاضي سيعترض عليه في هذه الشروط ويختار الرد مطلقاً .


الثالث :
قال الشوكانى في إرشاد الفحول (ص 64) بعد أن ذكر اصطلاح المحدثين ، واصطلاح الأصوليين : "وإطلاق المرسل على هذا وإن كان اصطلاحاً ولا مشاحة فيه ، ولكن محل الخلاف هو المرسل باصطلاح أهل الحديث " اهـ .
فزعم أن الخلاف فقط في السند الذي سقط منه الصحابى ، وهو الحديث الذي يرويه التابعى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
وهذا غير صحيح أيضاً :
فليس الخلاف محصوراً في المرسل باصطلاح المحدثين فقط ، بل في المرسل باصطلاحهم واصطلاح الفقهاء والأصوليين . فيدخل فيه المنقطع والمعضل . كما أشرنا إلى ذلك آنفاً .
قال السرخسى في أصوله (1/363) : " فأما مراسيل القرن الثانى والثالث حجة في قول علمائنا رحمهم الله".
وقال في (1/363) : "فأما مراسيل من بعد القرون الثلاثة فقد كان أبو الحسن الكرخى رحمه الله لا يفرق بين مراسيل أهل الإعصار ، وكان يقول : من تقبل روايته مسنداً تقبل روايته مرسلاً ، للمعنى الذي ذكرتا ، وكان عيسى بن أبان يقول : من اشتهر في الناس بحمل العلم منه تقبل روايته مرسلاً ومسنداً وإنما يعنى به محمد بن الحسن رحمه الله وأمثاله من المشهورين بالعلم " ا هـ. ، وقال ابن نجيم في فتح الغفار شرح المنار (2/96): "فيقبل مثل إرسال محمد بن الحسن وأمثاله" اهـ.
وقال الآمدى في الإحكام (2/118) : "فإنه مهما كان المرسل للخبر في زماننا عدلاً ولم يكذبه الحفاظ ، فهو حجة".
فهذا وأمثاله في كافة كتب الأصول صريح فيما قلناه ، ومحمد بن الحسن ليس من التابعين ومع ذلك فقد صرحوا بقبول مرسله ، فكيف ينحصر الخلاف في اصطلاح المحدثين ، وهو مرسل التابعى فقط ... ؟!
فالحق أن الخلاف فيه وفى غيره سواء والله أعلم ، وسترى من خلال الأدلة مزيد وضوح لكون الخلاف غير محصور في التابعى .
ولعل الشوكانى اغتر فيما ذهب إليه بقبول البقاعى الذي حكاه الأجهوري حيث قال : " احتجاج مالك وغيره بالمرسل إنما هو على القول الأول فيه ، وهو مرفوع التابعى " ا هـ .
الرابع :
نقل الغزالي في المنخول (ص 274) عن القاضي أنه قال : " والمختار عندى : أن الإمام العدل إذ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو أخبرنى الثقة ، قبل.
فأما الفقهاء والمتوسعون في كلامهم قد يقولون ذلك لا عن تثبت ؛ فلا يقبل.
ومنهم من قال هذا هو منقول عن الحسن البصري والشافعي رضي الله عنهما .
ولا يقبل في زماننا هذا وقد كثر الرواة ، وطال البحث ، وتشعبت الطرق فلابد من ذكر اسم الرجل " اهـ.
ثم قال الغزالي : " والأمر على ما ذكره القاضي إلا في هذا الأخير ، فإنا لو صادفنا في زماننا متثبتاً في نقل الأحاديث مثل مالك – رضي الله عنه – قبلنا قوله : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا يختلف ذلك باختلاف الإعصار " اهـ.
وفى هذا الذي نقلناه عن الغزالي شيئان :
الأول :
أنه نسب إلى القاضي القول بقبول المرسل إذا كان المرسل عدلا ، أو أخبر أم المروي عنه ثقة. وهذا غير معروف عن القاضي أبداً .
بل المعروف عنه أن يرد المراسيل مطلقاً حتى مراسيل الصحابة . إذا احتمل سماعهم من التابعى .
والغزالي نفسه ذكر ذلك في المستصفى (1/107) فقال : المرسل مقبول عند مالك وأبى حنيفة والجماهير ، ومردود عند الشافعي والقاضي – وهو المختار – إلخ ... " اهـ.
وكذلك ذكر الأمدى على ما بينا ، وذكر ابن السبكي عنه في الإبهاج (2/223) أنه قال : ونحن لا نقبل المراسيل مطلقاً ولا في الأماكن التي قبلها فيها الشافعي حسماً للباب اهـ.
وحسبنا دليلاً على بطلان هذا النقل أن الغزالي نفسه ذكر نقيضه في المستصفى ولا حاجة إلى دليل بعد ذلك .
ولو كان هذا المنقول عن القاضي حقاً ؛ لكان مذهباً جديداً في المسألة لم يقل به أحد ، ولنقل عنه ، إلا أن أحداً من الأصوليين لم ينقله عنه ، بل أجمعوا على نقل خلافه عن القاضي.
وقول الغزالي : ومنهم من قال : هذا هو منقول عن الحسن البصري ، هو الصواب والله أعلم أن ترددنا بين الإمامين البصري والقاضي في نسبة هذا القول إلى واحد منهما ، وإلا فلا نعلم مذهباً للحسن بخصوصه.
وأما نسبة هذا القول للشافعي فهى نسبة غير صحيحة وسنبين هذا عند تحرير مذهب الشافعي فليرجع إليه.
والشيء الثاني :
أن الغزالي هنا يتبنى هذا القول الذي نسبه القاضي وهو أنه يقبل مرسل العدل ويزيد عليه أن يطرد ذلك في كل العصور.
وهذا عجيب من الغزالي ، وهو شافعي ، ومدون لآراء إمام الحرمين .
وقد أعرض عنه في المستصفى وذكر أن المرسل لا تقوم به حجة ، وإن كان ظاهر كلامه يشير إلى قوة مذهب الخصم حيث قال : "المرسل مقبول عند مالك وأبى حنيفة والجماهير"أهـ. مع أن الجماهير على خلاف هذا ؛ إلا إن كان مراده بالجماهير جماهير الفقهاء فقط.
ثم قال : " ومردود عند الشافعي والقاضي – وهو المختار – وصورته أن يقول التابعى ... إلخ " أهـ.
وعلى كل فالرأي الذي استقر عليه الغزالي هو أن المرسل ليس بحجة ولا يعنينا بعد ذلك كونه قبله في بداية حياته العلمية .

وأما مذهب الإمام الشافعي رحمه الله ورضي عنه في الحديث المرسل:
فاعلم أنه قد وقع خبط مثير في فهم مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه في المرسل .
فمنهم من قال : إنه يرده مطلقاً
ومنهم من قال : لا يرد المراسيل ، ولكن يبقى فيها مزيد تأكيد يغلب الظن ، وإضرابه عنها بمثابة تقديم المسند عليها .
ومنهم من قال : أنه يقبل مراسيل سعيد بن المسيب مطلقاً .
ومنهم من قال : أنه لا يوجب العمل بمراسيل سعيد ، وإنما يستحبه .
وليس واحداً من هذه الأقوال هو الصواب – كما سنبين ذلك إن شاء الله – ولكن قبل بيانه يجدر بنا أن نقدم قول الإمام في الرسالة فنقول :
قال الإمام الشافعي في الرسالة (فقرة 1264) :
" فمن شاهد أصحاب رسول الله من التابعين ، فحدث حديثاً عن النبي ، اعتبر عليه بأمور :
منها : أن ينظر إلى ما أرسل من الحديث ، فإن شركه فيه الحفاظ المأمونون فأسندوه إلى رسول الله بمثل معنى ما روى – كانت هذه دلالة على صحة من قبل عنه وحفظه .
وإن انفرد بإرسال حديث لم يشركه فيه من يسنده قبل ما ينفرد به من ذلك .
ويعتبر عليه بأن ينظر : هل يوافقه مرسل غيره ممن قبل العلم عنه ، من غير رجاله الذين قبل عنهم ؟
فإن وجد ذلك كانت دلالة يقوى له مرسله ، وهى أضعف من الأولى .
وإن لم يوجد ذلك نظر إلى بعض ما يروى عن بعض أصحاب رسول الله قولاً له ، فإن وجد يوافق ما روى عن رسول الله كانت في هذه دلالة على أنه لم يأخذ مرسله إلا عن أصل يصح ، إن شاء الله .
وكذلك إن وجد عوام من أهل العلم يفتون بمثل معنى ما روي النبي.
قال الشافعي : ثم يعتبر عليه : بأن يكون إذا سمى من روى عنه لم يسمى ([2]) مجهولا ولا مرغوبا عن الرواية عنه ، فيستدل بذلك على صحته فيما روى عنه .
ويكون إذا شَرِك أحداً من الحفاظ في حديث لم يخالفه فإن خالفه وجد حديثه أنقص – كانت في هذه دلالة على صحة مخرج حديثه.
ومتى خالف ما وصفت أضر بحديثه، حتى لا يسع أحداً منهم قبول مرسله.
قال: وإذا وجدت الدلائل بصحة حديثه بما وصفت أحببنا أن نقبل مرسلة.
ولا نستطيع أن نزعم أن الحجة تثبت به ثبوتها بالمتصل.
وذلك إن معنى المنقطع مغيب ، يحتمل أن يكون حمل عن من يرغب عن الرواية عنه إذا سمي ، وأن بعض المنقطعات – وإن وافقه مرسل مثله – فقد يحتمل أن يكون مخرجهما واحداً ، من حيث لو سمي لم يقبل ، وإن قول بعض أصحاب النبي – إذا قال برأيه لو وافقه – يدل على صحة مخرج الحديث دلالة قوية إذا نظر فيها ، ويمكن أن يكون إنما غلط به حين سمع قول بعض أصحاب النبي يوافقه ، ويحتمل مثل هذا فيمن وافقه من بعض الفقهاء .
فأما من بعد كبار التابعين الذين كثرت مشاهدتهم لبعض أصحاب رسول الله – فلا أعلم منهم واحداً يقبل مرسله لأمور :
أحدهما : أنهم أشد تجوزًا عليهم فيمن يروون عنه .
والآخر : أنهم توجد عليهم الدلائل فيما أرسلوا بضعف مخرجه .
والآخر : كثرة الإحالة كان أمكن للوهم وضعف من يقبل عنه .
وقد خبرت بعض من خبرت من أهل العلم فرأيتهم أُتوا من خصلة وضدها .
رأيت الرجل يقنع بيسير العمل ، ويريد إلا أن يكون مستفيدا إلا من جهة قد يتركه من مثلها أو أرجح ، فيكون من أهل التقصير في العلم .
ورأيت من عاب هذه السبيل ورغب في التوسع في العلم ، من دعاه ذلك إلى القبول عن من لو أمسك عن القبول عنه كانت خيراً له .
ورأيت الغفلة قد تدخل على أكثرهم فيقبل عن من يرد مثله وخيراً منه .
ويدخل عليه ، فيقبل عن من يعرف ضعفه ، إذا وافق قولاً يقوله ! ويرد حديث الثقة ، إذا خالف قولاً يقوله !!
ويدخل على بعضهم من جهات .
ومن نظر في العلم بخبرة وقلة غفلة ، استوحش من مرسل كل من دون كبار التابعين ، بدلائل ظاهرة فيها .
قال : فلم فرقت بين التابعين المتقدمين الذين شاهدوا أصحاب رسول الله ، وبين من شاهد بعضهم دون بعض ؟
فقلت : لبعد إحالة من لم يشاهد أكثرهم .
قال : فلم لم تقبل المرسل منهم ومن كل فقيه دونهم ؟
قلت : لما وصفت اهـ .
هذا نص الشافعي في الرسالة ، وبه يتبين أن مذهبه كالآتى :
1- لا يقبل إلا مرسل كبار التابعين ، ويرد مرسل من عداهم من صغار التابعين ، وأنه لا يقبل مرسل الكبار إلا باعتضاده بأحد أمور وهى :
أ- إذا أسند من جهة أخرى .
ب- إذا أرسله من أخذ عن غير رجال الأول ممن يقبل عن العلم .
ج- إذا وافق قول بعض الصحابة .
د- إذا أفتى أكثر العلماء بمقتضاه .
2- يشترط الإمام الشافعي في هذا التابعي الكبير أن يكون إذا سمى من روى عنه لم يسم مجهولا ولا مرغوباً عن الرواية عنه ، وإن يكون إذا شرك أحداً من الحفاظ لم يخالفه.
3- مذهب الإمام رضي الله عنه أن الحديث المرسل إذا اعتضد بما أسلفنا لم يصل في الحجة إلى درجة الحديث المسند المتصل كما قال في الرسالة : " ولا نستطيع أن نزعم أن الحجة تثبت به ثبوتها بالمتصل " .
وهذا يفيدنا عند الترجيح . فإذا عارض المرسل المعتضد مسند متصل قدم عليه . لأن حجة المرسل ضعيفة رغم الاعتضاد .
فهذا كلام الإمام الشافعي ، وهذا مذهبه كما يفهم من نص الرسالة .
إلا أنه رضي الله عنه قال في مختصر المزني في باب بيع اللحم بالحيوان آخر باب الربا (2/158 ط بولاق) : أخبرنا مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن ابن المسيب ، أن رسول الله r نهى عن بيع اللحم بالحيوان .
وعن ابن عباس ، أن جزوراً نحرت على عهد أبى بكر رضي الله عنه ، فجاء رجل بعناق ، فقال : أعطونى جزءاً بهذا العناق ، فقال أبو بكر : لا يصلح هذا .
وكان القاسم بن محمد ، وابن المسيب ، وعروة بن الزبير ، وأبو بكر بن عبد الرحمن ، يحرمون بيع اللحم بالحيوان عاجلاً وآجلاً ، يعظمون ذلك ولا يرخصون فيه .
قال : وبهذا نأخذ ، كان اللحم مختلفاً أو غير مختلف ، ولا نعلم أحداً من أصحاب النبي r خالف في ذلك أبا بكر .
" وإرسال ابن المسيب عندنا حسن " اهـ .
قال الإمام النووى في المجموع (1/99) : فقد اختلف أصحابنا المتقدمون في معنى قول الشافعي إرسال ابن المسيب عندنا حسن على وجهين حكاهما الشيخ أبو إسحق في كتابه اللمع ، وحكاهما أيضاً الخطيب البغدادى في كتابيه ،كتاب الفقيه والمتفقه ، والكفاية ، وحكاهما جماعة آخرون :
أحدهما : معناه أنها حجة عنده بخلاف غيرها من المراسيل .
قالوا : لأنها فتشت فوجدت مسندة .
والوجه الثاني : أنها ليست بحجة عنده ، بل هي كغيرها على ما ذكرناه .
وقالوا : إنما رجح الشافعي بمرسله ، والترجيح بالمرسل جائز .
وقال الخطيب البغدادي في كتاب الفقيه والمتفقه : والصواب الوجه الثاني ، وأما الأول فليس بشيء .
وكذا قال في الكفاية : الثانى هو الصحيح عندنا من الوجهين ، لأن في مراسيل سعيد ما لم يوجد مسنداً بحال من وجه يصح .
قال : وقد جعل الشافعي لمراسيل كبار التابعين مزية على غيرهم كما استحسن مرسل سعيد ، هذا كلام الخطيب .
وذكر الإمام الحافظ أبو بكر البيهقى نص الشافعي ثم قال : فالشافعي يقبل مراسيل كبار التابعين إذا انضم إليها ما يؤكدها ، فإن لم ينضم لم يقبلها سواء كان مراسيل ابن المسيب أو غيره ، قال : وقد ذكرنا مراسيل لابن المسيب لم يقبلها الشافعي حين لم ينضم إليها ما يؤكدها ، ومراسيل لغيره قال بها حيث انضم إليها ما يؤكدها ، قال : وزيادة ابن المسيب في هذا على غيره أنه أصح التابعين إرسالاً فيما زعم الحفاظ اهـ .
قال النووي: فهذا كلام البيهقي والخطيب ، وهما إمامان حافظان فقيهان شافعيان مضطلعان من الحديث والفقه والأصول والخبرة التامة بنصوص الشافعي ومعاني كلامه ، ومحلهما من التحقيق والإتقان ، والنهاية في الفرقان ، بالغاية القصوى ، والدرجة العليا ,
وأما قول الإمام أبو بكر القفال المروزي في أول كتابه " شرح التلخيص " : قال الشافعي في الرهن الصغير : مرسل ابن المسيب عندنا حجة فهو محمول على التفصيل الذي قدمناه عن البيهقي والخطيب والمحققين والله أعلم ا هـ .
قلت : قال الشافعي في الرهن الصغير من الأم (3/164) : فالسنة تدل على إجازة الرهن ، ولا أعلم مخالفا إجازته .
أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبى فديك ، عن أبى ذئيب ، عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب ، أن رسول الله r قال : " لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه ، له غنمه وعليه غرمه " .
وقال في (3/167) : قال – أي الخصم - : فكيف قبلتم عن ابن المسيب منقطعاً ولم تقبلوه عن غيره ؟
قلنا لا نحفظ أن ابن المسيب روى منقطعاً ، إلا وجدنا ما يدل على تسديده ، ولا أثره عن أحد فيما عرفنا عنه إلا ثقة معروف ، فمن كان بمثل حاله قبلنا منقطعة ، ورأينا غيره يسمى المجهول ، ويسمى من يرغب عن الرواية عنه ، ويرسل عن النبي r وعن بعض من لم يلحق من أصحابه – المستنكر الذي لا بوجد له شئ يسدده ففرقنا بينهم لافتراق أحاديثهم ، ولم نحاب أحداً ، ولكنا قلنا في ذلك بالدلالة البينة على ما وصفنا من صحة روايته ، وقد أخبرنى غير واحد من أهل العلم عن يحيى بن أبى أنيسة ، عن ابن شهاب ، عن ابن المسيب ، عن أبي هريرة ، عن النبي r مثل حديث ابن أبى ذئيب .
ثم قال الشافعي : والسنة ثابتة عندنا والله تعالى أعلم بما قلنا ، وليس مع السنة حجة ولا فيها إلا اتباعها مع أنها أصبح الأقاويل مبتدأ ومخرجا . اهـ .
فهذا الكلام من الشافعي – رضي الله عنه – يدل دلالة قوية على ما ذكره القفال المروزي الذي نقله عنه النووي أنفا ، والجواب عليهما أجاب به النوى من الحمل على التفصيل السابق .
علما بأن ابن الرفعة قد أشار إلى أن الرهن الصغير من القديم وإن كان من كتب الأم ، وتعلق في ذلك بأن الماوردي وغيرة ، قالوا عند الكلام في أجال الراهن وعتقه : إنه من القديم . قال :وكذلك نسب الماوردي هنا قبول رواية ابن المسيب إلى القديم .تكملة المجموع للسبكي (11/142) .
فإن صح أن الرهن الصغير من القديم فذاك ولا داعي للحمل والتأويل ، وإلا فالقول قول النووي في الحمل على تفصيل الخطيب والبيهقي.
وأما نسبة القول بقبول مرسل سعيد إلى القديم فهو الصحيح .
قال النووي : قلت : ولا يصح تعلق من قال : إن مرسل سعيد حجة ، بقوله إرساله حسن، لأن الشافعي رحمه الله لم يعتمد عليه وحده ، بل اعتمده لما انضم إليه قول أبى بكر الصديق ومن حضره ، وانتهى إليه قوله من الصحابة رضي الله عنهم ، مع ما انضم إليه من قول أئمة التابعين الأربعة الذين ذكرهم ، وهم أربعة من فقهاء المدينة السبعة ، وهو مذهب مالك وغيره . فهذا عاضد ثان للمرسل ، فلا يلزم من هذا الاحتجاج بمرسل ابن المسيب إذا لم يعتضد اهـ .
ومن خلال هذا الكلام الذي نقلناه عن الأئمة ، عن معنى قول الشافعي إرسال ابن المسيب حسن ، أو حجة على ما نقله المروزى استنباطا من كلامه في الرهن الصغير ـ يتبين لنا أن الإمام الشافعي - رضي الله عنه – لا يحتج بمرسل سعيد ، وإنما يرجح به ، والترجيح بالمرسل جائز ، وأن الشافعي يسوى بين مرسل سعيد وغيره من كبار التابعين فلا يقبله إلا بالشروط التي قدمناها آنفا عن نص الرسالة ويتبين لنا أن الشافعي رضي الله عنه لا يرد المرسل مطلقا - وإن كان يرده من حيث هو - ولا يحتج بمرسل سعيد مطلقا .
قال النووي في المجموع (1/103): " مع أنه قد شاع في ألسنة كثيرين من المشتغلين بمذهبنا ، بل أكثر أهل زماننا - أن الشافعي رحمه الله لا يحتج بالمرسل مطلقا إلا مرسل ابن المسيب فإنه يحتج به مطلقا "
وهذان غلطان ، فإنه لا يرده مطلقا ، ولا يحتج بمرسل ابن المسيب مطلقا بل الصواب ما قدمناه - أي عن البيهقي والخطيب - والله أعلم " اهـ .
وقال الماوردي : ومذهب الشافعي في الجديد أن مرسل سعيد وغيره ليس بحجة اهـ . تكملة المجموع (11/141) .
وقال الإمام الجليل عبد الرحمن بن أبى حاتم في كتاب المراسيل في قول الشافعي رضي الله عنه : ليس المنقطع بشيء ما عدا منقطع ابن المسيب فلا بأس أن يعتبر به "اهـ .تكملة المجموع (11/139) أي أنها يعتبر بها ولا يحتج . فلا فرق بيتها وبين غيرها من مراسيل كبار التابعين من حيث الاحتجاج . فلا بد لها من عاضد .
وذلك رد مرسله في دية الذمي الذي أورده أبو داود في مراسيله بسند جيد عن ابن المسيب قال : قال رسول الله r : " دية كل ذي عهد في عهده ألف دينار ".
رد هذا المرسل الذي أرسله سعيد لأنه لم يعتضد ، بأن صرح لنا باسم المتروك ، بل عارضة أن سعيدا نفسه ، قال فيها رواه الدارقطني : كان عمر رضي الله عنه يجعل دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف درهم ، والمجوسي ثمان مائة درهم ، وهذا وإن كان عند قوم منقطعا ، لأن ابن المسيب لم يسمع من عمر ، لكنه ينتهض معارضا لمرسله . لأن المرسل في نفسه ليس بحجة , فإن لم ينضم إلية ما يقوية ولكن ما يضعفه ، كان أضعف .
فهذا مرسل لسعيد رددناه لأننا لم نجده مسندا بحال . وهذا مؤيد لكلام البيهقى في أن لسعيد مراسيل لم تسند ، ومؤيد لكون مراسيل ابن المسيب وغيره سواء في الاحتجاج ، وإن كان يرجح بمراسيل ابن المسيب ويعتبر بها ، والسبب في ذلك كما قال البيهقى عن الحفاظ أنه أصح التابعين إرسالا .
ولأنه عرف من حال صاحبها أنه لا يروى إلا مسندا عن ثقة . فحملت مراسيله على ما عرف من عادته ، وما ظهر أنه على خلاف عادته كمرسله في دية الذمى لم نقبله .
ومما يجدر بنا ذكره أن مراسيل أبى سلمة بن عبد الرحمن كمراسيل ابن المسيب عند الشافعي كما نقله الماوردي في الحاوى في باب الشفعة حيث قال: إن مرسل أبى سلمة بن عبد الرحمن عند الشافعي حسن .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hadet123.7olm.org
 
مذاهب العلماء في حجية الحديث المرسل
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الحديث المرسل لغة واصطلاحاً
» طرق استخراج الحديث من مصادره
» الرُّوَاةُ المُكْثِرُوْنَ وَمَعْرِفَةُ ثِقَاتِ أَصْحَابِهِم (من كتاب منتقى الالفاظ لتقريب علوم الحديث للحفاظ ) للشيخ الحارث بن علي الحسني
» برنامج أهل الحديث والأثر لفهرسة الأشرطة
» برنامج أهل الحديث والأثر لفهرسة الأشرطة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى اسلامي رائع وضخم لأهل السنة والجماعة :: المنتدى الأول-
انتقل الى: