تلخيص: نُزهة النظر شَرح نخبة الفِكر

Admin المساهمات : 517 تاريخ التسجيل : 29/03/2014

كتاب :نُزهة النظر شرح نخبة الفِكر لخاتمة الحفّاظ المحققين, وإمام أهل الحديث في عصره وبعد عصره ,الإمام الكبير الحافظ شِهاب الدّين أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني _رحمه الله_
هُناك مقدّمات تُسرد بين يدي كلّ فنٍ ,على طالب العلم أن يحيط بها علمًا حتّى يصوّر هذا الفن الذي يسير فيه ,فعلم مصطلح الحديث معروف أن هذا اللفظ "مُصطلح الحديث"مركب من كلمتين وحتّى نتصور معنى هذا المصطلح أو هذه اللفظة لا بدّ أن نعلم معنى كلِّ حزءٍ من أجزائها..
فـ "مصطلح" أوْ "الإصطلاح" هو اتفاق طائفةٍ مَا على شيءٍ ما وتواضعهم عليْه
فلو اجتمعنا نحنُ الآن مثلا نحن في هذه الجِلسة أن نسمّي هذا الذي سندرسه من علوم الحديث صار هذا اللفظ من علوم الحديث مصطلحًا بيننا على هذا الفن ,ولو اتفق جماعة ٌ آخرون على تسميتهِ بعلم الحديث دراية أيضا صار مصطلحا لهم ,فلا بأس بذلك ,ولا مُشاحة في الإصطلاح يعني مادام الإصطلاح متفقا عليْه بين أهله وبيْن طائفة من أهل العلم فلا ينبغي المشاحة والمضايقةُ من هذا لكن الإشكال ان يصطلح جماعة اصطلاحا ولا يبيّنوه لأحد فيصير هنا الإشكال ولكن مدام الناظر وضّح للناس إصطلاحا فلا إشكال فيمن يخالفه..
و "الإصطلاح" لفظ دوّار في علوم الفقه والأصول وفي كل فنٍ من فنون العلوم الشرعيه وغيرها....
و"الحديث" عندَ أهل اللغة يُراد به معنًا وعند أهل الحديث يرادُ به معنا آخر
عند أهل اللغة: معناه ضد القديم
وعند أهل الحديث: معنا قول الرسول صلى الله عليه وسلم , أو ما أضيف للنبي_ صلى الله عليْه وسلّم_ من قولٍ أو فعل أو تقريرٍ أو صفة وما أضيف للصحابة والتابعين كذلك...
فخرجنا من كلّ هذا أن مصطلح الحديث عبارة عن إصطلاحات وقواعد وأصول وضوابط
يستخدمها أهل الحديث في هذا الفن ليس في فنٍ آخر...
وعلم مصطلح الحديث بعد كونه من أهم العلوم لطالب الحديث, فلا يستطيع الطالب الذي يطلب هذا العلم أن يتبصر به ويسير به على هدًى إلا بدراسة هذا الفن فيه الإرشادات الكاملة..
وهو لا يستغني عنه طالب علمٍ شرعي أصلا بل لا يستغني عنه عاقل إن شئت سمّه المنطق الشرعي..
ولا يستغني فن من فنون الإسلام معرفة طرفا من هذا العلم
ولذلك بعض المستشرقين لما درس هذا العلم ورأى ما فيه من أمور تُبهر العقول, وتذهل العقلاء, من التثبت والتدقيق الذي ليسَ له مثيل قال ليفخر المسلمون بعلم حديثهم ما شاؤوا
وابن حجر خاتمة الحفّاظ المحققين وكتابهُ هذا نزهة النظر شرح نخبة الفكر, كتاب رُتّب على ترتيب بديع,لم يُسبق إليْه الحافظ ,ونحن سنذكر النقاط وسنقدم لها بمقدمة ,سنرى أن العلماء قبل الإمام ابن حجر أيْ من عندِ أوّل من صنّف وأوّل من تكلم في المصطلح الشافعي وكل من كان يُألّف قبل الحافظ ابن حجر كالرامهرمزي والقاضي وغيرهم كلهم كانوا على منهج ما جاء به الحافظ ابن حجر ورتّب علوم الحديث ترتيبا,فجعلها كلها شبكة واحدة ,وربطها ربطا عقليا منطقيا متسلسلا يدلّ على تكامل صور هذا العلم في عقله وأنه ليس مجرد تعليقاتٍ عند كل باب ..
كان الحافظ ابن حجر قد عمل هذا النظم نخبة الفكر وكان يحتوي على ورقات صغيرة أربع خمس ورقات فسأله بعض طلبتهِ أن يشرحها فشرحها وصاحب البيت أدرى بما فيه فقطع جهيزة كل قول خطيبي جاءت بما لم يمكن فأهل مكة أدرى بشعابها..
علّق الشيخ مازن السرساوي حفظه الله على مقدمة ابن حجر فقال:
جرت عادت العُلماء في ذاك الزمان وبعده إلى وقت قريب إلى تعهّد السجع في مقدمات الكتب وكان يرون هذا شيئا حسنا لا سيما إذا كان سجعا رقيقا غير متكلف ,فهو سجع لطيف خفيف على القلب واضح أن هذا سجيّة فمثل هذا كان جميلا وبعضهم كان يبالغ في هذا ويجعله سجعا كسجع الكهان ,وهذا مستكره, فمع نموّ هذا الفن بعد قرون من ذلك وبداية النهضة الأدبية في عصور بعد ذلك بدأ كثير من الكتّاب يتخلصون من هذا الصنف إلا قليلا..
بدأ الحافظ يُؤرّخ على المصنفات في علم الحديث, وهذا مهم جدا لأن طالب العلم عليْه أن يُراجع في مثلِ هذه الكتب ويتعهدها حتى تنشأ بينه وبين علوم السلف علاقة قوية لا يعتمد فقط على ما يُلقى إليْه فقط..
قال ابن حجر : وأول من صنف في هذا الفن أيْ مصطلح الحديث القاضي محمد الرامهرمزي والحسن ابن عبد الرحمن ابن خلّاد..
الرامهرمزي المتوفي عام 67هـ وهو منسوب إلى رامَ هرمز وهي بلدة من بلا خوزِ استان وكانوا يسمونه محدث العجم
بعض العلماء اعترضوا على ذلك بأن هناك من صنّف قبل القاضي الرامهرمزي بـ100 عام أو بـ150عام وتكلمّ في الحديث كالإمام الشافعي _رحمه الله_

قائمة من تكلم في المصطلح قبل الإمام القاضي الرامهرمزي
*أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي وهو أول من تكلم في حجية خبر الآحاد والردّ على من يرد ذلك وفي قبول الاخبار وردها في كتابه الرسالة فكيف يغفل الحافظ عن ذلك! _وسنجيب بعد قليل عن هذا التساؤل_
*الإمام أبو بكر عبد الله بن الزبير الحميدي فيما يظهر شيخ البخاري المتوفى عام 19 هـ والحميدي يظهر وكأنّ له كلام في المصطلح وهذا ليس اكيدًا فالحافظ الخطيب البغدادي في كتاب "الكفاية" ينقل في إسناد واحدٍ كلاما من مسائل شتّى في المصطلح للإمام الحميدي ,كأنه والله أعلم له كتابا في المصطلح نقل فيه الخطيب البغدادي في أكثر من 10 مواضع..

*الإمام مسلم عبد الله بن الحجاج النيسابوري,تلميذ البخاري المتوفي عام 261هـ
ومسلم لما ألف كتابه الصحيح قدّم لها بمقدمة طويلة وتناول بها شيئا من علوم الحديث فهذا نوع من التأليف في المصطلح..

*ثم جاء بعدهُ أبو داود السجستاني المتوفى سنة 75 هـ في كتابه ورسالته إلى أهل مكّة التي هي كمقدمته في كتابه السنن وتكلم في هذه الرسالة عن رأيه في كثير من المسائل
*أبو عيسى الترمذي صاحب الجامع وكتبَ كتابه العلل الصغير الذي في آخر الجامع وتناول في مسائل كثيرة من علوم الحديث وهذا أيضا تصنيف حديثي
*أبوجعفر الطحاوي في كتابه ورسالته الشهيرة "التسوية ب حدّثنا وأخبرنا "وهي موجودة في كتابه شرح مشكل الآثار مفردة
*أبو حاتم محمد ابن حبّان البستي :كتَبَ كتابيْه الثقات والمجروحين تتناول شيئا من علوم الحديث ..
فكلّ هؤلاء سبقوا الرامهرمزي فلماذا لم يذكرهم الحافظ ابن حجر ؟
الظاهر والله أعلم أن الحافظ لم يتعرض لهؤلاء تكلموا على مسائل من علوم الحديث ضمن كتب لم تفرد مستقلة لعلوم الحديث,فلهذا لم يعرّج عليها الحافظ..
أيضا لو أحببنا أن ندقق على عبارة ابن حجر إذْ قال :فمن أوّل" أيْ انه لم يزعم أن القاضي انفراده بالتصنيف..
عرّج ابن حجر على من مصنّفات في هذا العلم. فقال ثم جاء بعدهم الخطيب البغدادي فصنف في قوانين الرواية كتابًا سماه "الكفاية" وهو من انفع الكتب على الإطلاق .لأنه جاء بالمصطلح غضّا طريّا,وفي آدابها كتابا سمّاه "الجامع لآداب الشيخ والسامع"
وقلّ فنٌ من فنون الحديث إلّا وقد صنّف فيه كتابا مفردا فكان كما قال الحافظ أبو بكر ابن نقطه مَن أنصفَ عَلِمَ أن المحدثين بعد الخطيب عيالٌ على كَتبه..
وهو أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي ولدَ رحمه الله في عام 392 وتوفي في عام 463 هـ وكان إماما كبيرَ القدر, يُعدّ حافظ المشرق وصنف كُتبا كثيرة يقول ابن حجر قلّ فنٌ من فنون المئة هذه إلاّ وله فيها مصنّف ولهذا كل من جاء بعد الخطيب ,وأراد أن يوسع ويحرر عليه أن يأتي بكتبِ الخطيب فتكون أمامه وينقل منها ,وهذا عجب ! هذا رجل بورك له في وقته وكتبه كثيرة ورزق القبول فكتابه الفخم الفذ تاريخ مدينة السلام بغداد ردّها الله ..
يقول الشيخ مازن السرساوي:المحدثين قبل الخطيب البغداي كوْم وهو كوم وبعده كوم آخر
فالخطيب وحده مرحلة مستقلّة...
*علوم الحديث في الأصل والتي سنتناولها تقريبا 100علم كما يقول الإمام الحازمي "علوم الحديث نيّفت على الـ 100نوع لو أنفق الطالب عمره في تحصيل علم منها لما كفاه..

Admin المساهمات : 517 تاريخ التسجيل : 29/03/2014

قال ابن حجر_رحمه الله_ "إلى أن جاء أبو عمرو ابن الصلاح نزيل دمشق فجمع لما ولّي تدريس الحديث بالمدرسة الأشرفية كتابه المشهور فهذّب فنونه وأملاه شيئا بعد شيء ,فلهذا لم يحصَّل ترتبيه على الوضع المناسب ,واعتنى بتصانيف الخطيب المفرقة ,فجمع شتات مقاصدها ,وضمّ إليها من غيرها نخب فوائدها, فاجتمع في كتابه ما تفرق في غيْره فلهذا عكف الناس عليه وساروا بسيْره فلا يحصى كم ناظم له ومختصر. ومستدركٍ عليه ومقتصر. ومعارض عليْه ومنتصر"
وأبو عمرو ابن الصلاح من بلدة تسمى شهرزور, ونشأ وترعرع بدمشق,فلما ولّيَ أبو عمرو ابن الصلاح تدريس الحديث بالمدرسة الأشرفية التي بناها السلطان الأشرف شعبان. هذه المدرسة ,مدرسة حديث ,ومسألة مدارس الحديث كانت منتشرة في ديار الإسلام على إثرها انتشر هذا الفن ,ففن "مصطلح الحديث" كان من أعظم,ما ساعد على نشره وجعل له هذا الانتشار في طول تاريخ الإسلام الضخم كثرة المدارس الحديثية وهي مدارس يقوم عليها بعض الملوك ترى ملك من الملوك أو الرجل المشهور يأتي فيوقف شيئا من الدور فيرتب لها مدرسين .ومعيدين وطلبة ويجري عليها الجرايات وينفق عليها أشبه ما يكون اليوم بالداخلي أي المدارس الداخليّة..

فأملى ابن الصلاح كتابه الذي تارة ما اشتهر "بالمقدمة" وتارة "بعلوم الحديث لابن الصلاح" وهذا الكتاب من أشهر كتب الفن على الإطلاق. فكان يهذّب ويجمع الفنون في المادة ويمليها على الطلاب فلهذا لم يحصل ترتيبه على الوضع المناسب, وهذا لا يؤثر شيئا على مادته العلمية ومن اطلع على كتاب ابن الصلاح وكأنه اطلع على خلاصةِ وزبدةِ كتب الخطيب البغدادي فهذا الكتاب رٌزق البركة وكتب لصاحبه القبول فاحتفل الناس بعده بهذا الكتاب واحتفلوا به أكثر من كتب الخطيب مع أنه فرع من كتب الخطيب , فاجتمع في كِتابه ما تفرّق في غيرْه..
وسار شغل الناس من بعده إلى عصور كتاب "ابن الصلاح "

في أوّل عبارات النخبة قال ابن حجر
"الخبر عند علماء هذا الفن مرادف للحديث"
ثمّ شرح هذا مضمنا فقال :وقيل الحديث ما جاء عنِ النبيّ_صلى الله عليْه وسلّم_ والخبر جاءَ عنْ غيْره وكان يقال لمن يشتغل بالتاريخ وما شاكلها "إِخْباري" أو "أَخْبـَاري"ومنْ يشتغل بالسنّة النبوية المحدّث, فكل حديث خبرٌ من غير عكس. وعبّرة هُنا بالخبر ليكون أشملْ
يُرادفه :أيْ يساويه بالمعنى
والراجح أنّ الخبر هو الحديث فلهذا قدّم الحافظ هذا القول ودليل ذلك أن هنالك أقوالاً أخرى
فمنهم من يجعل الخبر شيئا والحديث شيء آخر
وقيل أن الحديث ما قاله رسول الله صلى الله عليْه وسلم والخبر ما جاء عن غيره من الصحابة والتابعين
والخبر أعم من الحديث ..
الخبر هو : ما أضيف أو ما نسب إلى النبي _صلى الله عليْ وسلّم _من قول أو فعل أو تقريرٍ أو صفةٍ أو إلى الصحابة أو إلى التابعين ..
أقسام الخبر
ما يدخل به المرفوع:وهو الذي هو عن النبيّ صلى الله عليه وسلم
ويدخل به الموقوف وهو الذي عن الصحابة
ويدخل به المقطوع وهو الذي عن التابعين
يقول الحافظ باعتبار وصوله إليْنا إما أن يكون له طرق كثيرة لأن طرق جمع طريق
والمراد بالطرق هنا في كلامه الأسانيد _إمّا أن يكون له طرق كثير أي أسانيد كثيرة_
الأسانيد جمع إسناد: والإسناد هو حكاية طريق المتن
المتن هو انتهى إليْه السند من الكلام
وتلك الكثرة أحد شروط التواتر إذا وردت بلا حصرٍ معين تكون العادة قد أحالت تواطئهم على الكذب أو وقوع منهم اتفاق من غير قصد فلا معنى لتعيين العدد على الصحيح ومنهم من عيّنه أربعة وقيل في خمسة وقيل غيْر ذلك؟؟
{يــتـبع}

Admin المساهمات : 517 تاريخ التسجيل : 29/03/2014

نستهلّ درسنا ومازال حديثنا عن الحديث "المتواتر" مع كتاب الحافظ ابنِ حجر "نُزهة النظر في توضيح نخبة الفكر"
ربما يواجه الطالب في هذه الدروس الأُوَل شيئا من الصعوبة ,لكن سينتهي هذا إن شاء الله بعدَ الخروج من الكلام عن الحديث المتواتر فكما بينّا أن مبحث الحديث المتواتر منْ مباحثِ علمِ أصول الفقه ...
ليس للمحدثين فيه ناقة ولا جمل, فهذا الباب من الأبواب التي دخلت من علمِ أصول الفقه إلى علم مصطلح الحديث .
ولوْ كان بعض الحفّاظ قديما كالإمام عبد البر والإمام الشافعي والنيسابوري ورد في سبيلهم التواتر لكن جاء على سبيل الخبر ليس عن سبيل الإصطلاح وأنه نوعٌ من أنواع الحديث ..
وقفنا عند قول الإمام ابن حجر عند أقسام الحديث المتواتر ,
"ولن نتقيد بعبارة الإمام ابن حجر لأن التقيد بها يحتاج تفصيلا ربما نخرج عن السياق وعن هذا الدرس المُراد منه اختصار المادة وليس التوسع في بيانها"
ذكر الحافظ أهم شرطٍ من شروط التواتر : وهو أن يروي الحديث عددٌ كبيرٌ من الرواة تُحيل العادة تواطئهم على الكذب ,وتحيل كذلك أن يقع منهم اتفاقا من غير قصد
ولا عدد محصور للتواتر لكن لا بدّ أن يكون فوق الثلاثة ..
الشرط الثاني: و روو ذلك عن مثله من الابتداء إلى الانتهاء
نحن نعلم أن الإسناد طبقات أي إسناد حديث طبقات والتي هي "الراوي" تقول مثلا حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر ,مالك هذا يسمى طبقة ونافع طبقة وابن عمر طبقة فأنا محتاج مع مالك 3 أو4يكونوا من طرق أخرى في نفس المكان من كل إسناد,لو أنا قلت سأحضر 10 لا ينفع أن يكون في طبقة منهم تسعه
يكون من أوله لآخرة مثل بعضه ممكن يزيد نعم لكن لا ينقص قلنا 10في كل الطبقات لو جاءت طبقة 20 نعم لكن 9 لا نفقد التواتر على الفور,
الشرط الثالث _وهذا من أهمّ الشروط في التواتر _وهو أن يكون مستند إتفاقهم "الحس"يعني كل واحد من هؤلاء الرواة في كل الطبقات يقول "حدثني"شيْخي
أو "سمعت"شيخي أو "رأيت"شيخي يحدّث فهنا في حاجة حسيّة سمعت رأيت فهو لم يتوهم من عقله فمستند هؤلاء الرواة " الحس "يكونوا كلهم سمعوا أوْ رأوهم لأنّ هذا ضمـن شيء بعدم وقوع الخلل....
وأنا أضرب مثال
مثلًا...وقع لبعض الرواة أبو عوانة كان مولى للخالد بن يزيد وكان في موسم الحج فجاء رجل إلى مولاه يعني سيّده وكان عبدا وطلب منه حاجة فأبى أن يعطيه ذلك السيد وكان على مقربةٍ منه ذلك الراوي فلما رأى السائل ذهب ولم يُعطهِ شيئا, ذهب عنده ورضّاهُ وأعطاه حاجته,فالرجل السائل هذا قال لأبي عوانة والله لأنفعنك سائر الدهر _سأعمل لك معروف لم تحلم به قط _ وذهب الرجل ووقف على مهبط الناس من عرفة عندما يُفيض الناس من عرفة إلى مزدلفة وكلما مرّ عليه فوج قال: اشكروا خالد ابن يزيد فإنه أعتق أبا عوانة _وهذا لم يحصل فهذا السائل قد كذب_ فبدأ الناس يقولون جزاه الله خيرا وهذا شيء ممكن يحصل أن يعتق سيد عبد في يوم عرفة يتقرب إلى الله بذلك فهذا ليس مستحيلا! فالناس صدّت وبدؤوا يتناقلون بينهم هذا الخبر, فلما ذهبوا مزدلفة ولحقهم السيد خالد بن يزيد إن لم أكن وهمت في الإسم فبدأ الـناس يتجمعون حوله ويهنؤنه فلم يستطع الإنكار على كل هؤلاء الناس فقال إذن هو حرٌ لوجه الله ..
فالشاهد كيف روو هؤلاء الجمع كلهم خبرا مغلوطا ,فهذا الخبر لم يكن متواتر لأن هؤلاء لم يرى أحد بعيْنه ,فالشرط هنا في التواتر أن يكون أحد سمِع أو رأى شيء حسّي ..
الشرط الرابع :قال أيضا وانضاف إلى ذلك أن يصحب خبرهم إفادة العلمِ إلى سامعه بعد كل هذا . عليْ أنا لما أسمعه يفيدني العلم القطعي إني أسلّم أن هذا أكيد حصل
فإن لم يحصل عندي إفادة العلم لا يكون متواتر ,فالذي يفيده العلم اليقيني الضروري ,
هذه شروط الحديث التواتر لو نزل إحداهم درجة ؟
نحن عندنا التواتر أعلى درجات الصحة في الحديث .مادام حديث وصل هذه الرتبة فهو صحيحٌ قطْـعًا
لو سقطَ منه شرط فهو حديث "مشهور"
بعض الأئمة أنكر وجود التواتر للحديث كالإمام ابن الصلاح قال إن كان تواتر ففي حديث من كذب عليّ متعمدا,وهذا غير صحيح
الإمام السيوطي كان أول من ألف كتابا مستقّلا في التواتر سمّـاهُ "الأزهار المتناثرة في الأحاديث المتواترة" فذكر لكلّ كتابا ما فيه من أحديثٍ متواتر وذكر الأسانيد ثمّ لخص هذا الكتاب في كتاب آخر سماه قطف الأزهار "
الصحيح أنّه الإمام السيوطي كان مذهبة وما ذهب عليه بعد ذلك أنّ التواتر لا يحصل إلا بعشرة .وجمع الأحاديث التي كانت في هذا الحد
هكذا نحن انتهينا من أول قسم من أقسام الحديث باعتبار طُرقه..

النوع الثاني الذي يقابل المتواتر الآحاد
المضحك أن كثيرا من الذين يخرجون ويقولون أن الآحاد لا يؤخذ به وليس بحجة! نسبة %99 منهم لا يعرف تعريف الآحاد!
أو يأتي إلى باله أن الآحاد الذي يرويه واحد عن واحد كما يعتقدون يقولون أن الواحد قد يخطئ والواحد ليس معصوما من الخطأ..
طيب الآحاد لهُ أقسام ثلاثة:أولًا:المشهور وهو من فقد شرطا من شروط التواتر فهو متواتر إلّا درجة.
يقول ابن حجر:وهو ما له طرق محصورة أكثر من اثنين وهو المشهور عند المحدثين
سمي الحديث المشهور بـ مشهور لوضوحه وهو المستفيض على رأي جماعة من الفقهاء فسمي لذلك لنتشاره ..

ويطلق المشهور على شيءٍ آخر يستخدمه المحدثون فيما أشتهر على الألسنة وكانت تكون صحيحة أو موضوعة أو لا أصل لها أصلاً
وبعد ذلك الحديث العزيز وسندرجه في الدرسـ القادم ..

Admin المساهمات : 517 تاريخ التسجيل : 29/03/2014

كنّا ولا زلنا نتكلم عن الحديث باعتبار وصوله إلينا فقلنا أنه يتقسم إلى قسمين..
1_المتواتر وهو ما نقل من جماعة كثيرةٍ غيْرِ محصورة ,وقد تكلمنا عن أقسامه ووصولهِ إلينا وحجتيه وشروطهِ
2_هو الآحاد وهو ما ليس بمتواتر وكنا قد وقفنا عند قول الحافظ ابن حجر _رحمه الله تعالى_ وهو يتكلم عن النـوع الثـاني من حديث الآحاد
وقد قلنا في اللقاء الماضي المشهور , والعزيز , والغريب .
فالمشهور : ما رويَ بطُرق محصورة بأكثر من اثنين ولم يبلغ حد التواتر
وقلنا المشهور نوعان 1_ما رواه عدد أكثر من اثنين ولم يبلغ حد التواتر 2_المشهور على الألسنة سواءً الأسئلة الخاصة أو العامة
العزيز:وهو أن لا يرويه أقلّ من اثنينِ عن اثنينِ ممكن أن يكون أكثر كأن يكون طبقة فيها 2 وطبقة 10 لكن أقل لا!
وسُمّي كذلك إمّا لقلّة وجوده أو لكونه "عزْ" مأخوذا من العزّة أي الندرة
وابن حبان البُستي أنقض أن يكون في الإسناد راويان عن اثنين عن اثنين
ردّ عليه الحافظ ابن حجر قال: قلتُ إنْ أراد رواية اثنين فقط عن اثنين فقط لا توجد أصلا فيمكن أن يسلّم ...
الغريب:وهو ما تفرد به شخص واحد في أي موقع من السند.العبر بطبقة واحدة آن يكون بها راوٍ واحد فيسمى غريبا
قال ابن حجر_رحمه الله_ وكل الأقسام الأربعة آحاد ما عاد القسم الأول وهو "المتواتر"
الآن انتقل إلى نوعين من أنواع الحديث 1_المقبول2_المردود, وهذه القسمة لا يدخل فيها المتواتر لأن المتواتر صحيحٌ قطعا
والمقبول: هو ما يجب العمل فيها عند الجمهور
والمردود: وهو الذي لا يرجح صدق المخبر به ..لتوقف الاستدلال بها للبحث عن أحوال رواتها.

المساهمات : 6 تاريخ التسجيل : 19/04/2014

جزاكم الله خيرا على ما تقدموه

Admin المساهمات : 517 تاريخ التسجيل : 29/03/2014

واياكم اللهم امين